• الأربعاء, 26 يونيو 2019
  • 7043

أهمية التطوير المستمر لأنظمة الموارد البشرية

يصف الفرنسي “كيتس دي فريس”، المدرب التنفيذي والأستاذ في علم الإدارة والتنمية القيادية، الموظفين الشغوفين بتطوير أنفسهم بأنهم فنانون وأبطال خارقون في منظماتهم، يجمعون بين التخطيط بعيد المدى والتنفيذ الفوري، ويتحملون مخاطر محسوبة لقراراتهم، ويجمعون بين التفاؤل والواقعية، ولديهم مثابرة كبيرة وطاقة إيجابية لمن حولهم.

إن كلمة السر لتلك الصفات الرائعة نابعة من “التطوير”؛ والذي هو مفتاح النجاح في شؤون الحياة كلها على صعيد الفرد أو الجماعة، والشرط اللازم لتحقيق التفوق والريادة.

 

أهم من المال

على صعيد المنظمات تأتي وظيفة الموارد البشرية في قلب عملية التطوير سواءً كانت في القطاع الحكومي أو الخاص، إنها بمثابة الدماغ المشغل لتحوّل المنظمات وتطورها، وستبقى وظيفة الموارد البشرية أساسية في جذب رأس المال البشري وتطويره واستخراج إمكاناته الهائلة، فقدرات البشر على التعلم واكتساب المهارات هي بلا شك الميزة التي يتفوقون بها على الآلات.

ومع دخولنا عصر التحولات التكنولوجية الكبرى التي لا تتوقف، وتلاشي الحدود بين العالمين الحقيقي والافتراضي، والامتزاج بين العامل البشري المبدع وأنظمة الأتمتة الدقيقة والخالية تقريبا من الأخطاء، فإنه لا بدّ من التطوير المستمر لأنظمة الموارد البشرية.

 

الرضا القاتل

إن رضا القائمين على المنظمات بالإنجازات هو عدو النمو الأول، وعلى النقيض من ذلك الثبات يأتي التطور والديناميكية التي ترصد تحولات الواقع وضرورة اللحاق بها، وهذا المناخ الضروري للنمو تقع مسؤوليته على كاهل الموارد البشرية التي تهتم بتطوير قدرات الموظفين وإظهارها وتغذيتها عبر توفير التدريب والتوجيه، وهذا يتطلب بالتأكيد تطويرا مرنا ومستمرا لنظم الموارد البشرية يُكسب الموظفين القدرات اللازمة لأداء الوظائف المختلفة المرتبطة بأدوارهم الحالية أو المتوقعة في المستقبل، واكتشاف القدرات الفردية النابغة وتطويرها، واستغلال إمكاناتهم في تطوير عمل المنظمة.

إن التطوير المستمر لأنظمة الموارد البشرية هو بمثابة معادلة تعتمد على رقمين مهمين هما: زيادة الكفاءة وخفض التكاليف، ولن ينجح هذا التطوير إلا بالمحافظة على تحققهما معًا، فخفض التكاليف مع إهمال تطوير الموظفين وأدواتهم، وخسارة ولائهم للمنظمة يعني في النهاية السير نحو الإخفاق والخروج من السوق، وغني عن القول أنه لا يمكن تحقيق زيادة الكفاءة دون الأخذ بعين الاعتبار ضرورة أتمتة إدارة الموارد البشرية وجعل الخدمات للموظفين أكثر ملاءمة، والانعتاق من النظم اليدوية القديمة وغير الفعالة، وتفريغ الإدارة العليا في كل أقسام المنظمة للتخطيط الاستراتيجي.

 

قضمة كبيرة

غني عن القول أن تطوير أنظمة الموارد البشرية ضرورة حيوية لنمو المنظمة ومرونتها مع الواقع المتطور دائما، وهي طريقتها الوحيدة للحصول على قضمة كبيرة من السوق إذا كانت شركة تجارية، أو محافظتها على الريادة والأهداف إذا كانت منظمة غير ربحية، لكن من المهم بمكان أن تنفيذ أي تطوير أو تحول لأنظمة جديدة يجب أن يتم دون تعطيل عمليات المنظمة ومبيعاتها أو خدماتها للجمهور، ودون المساس بجودة أداء الموظفين أو التأثير السلبي على ولائهم، إن النجاح مبني على التدرج الحكيم والتطور المدروس وتلقي الموظفين التدريب المناسب على النظام الجديد، وفي كثير من الأحيان فإن الحكمة تقتضي أن تقوم المنظمة بالتشغيل المتوازي للأنظمة القديمة والجديدة لفترة محدودة، ويتم التدريب قبل هذا الانتقال وأثناءه.

 

يقولون: المعرفة هي القوة، ولأن المعرفة والعلم في تغير وتطور مستمرين، فإن من يريد أن يحوز القوة فعليه بملاحقة العلم، وتتبع أين وصلت المعرفة، وإلا فإن الحاضر سيتجاوزه ويجعله جزءا من التاريخ وأنموذجا للعبرة.

إن هذا ينطبق تماما على ضرورة التطوير المستمر لأنظمة الموارد البشرية التي تمثل القلب النابض للمنظمات؛ لأنها تعنى باستقطاب العامل البشري المميز وتطويره، وأثناء هذه العملية المستمرة فلا يجوز الاستسلام للإنجازات بل نحتاج إلى طموحٍ سقفه النجوم.