• الإثنين, 09 مارس 2020
  • 8334

كيف يؤثر تفاعل الموظفين على ثقافة الشركة؟

يمكننا أن نعكس السؤال السابق ليكون: كيف تؤثر ثقافة الشركة على تفاعل الموظفين؟ لأن ثقافة الشركة تؤثر بالفعل على سلوك الموظفين، وفي الوقت نفسه فإن ثقافة الشركة تتشكّل أيضًا بسلوك الموظفين فهي مسألة تبادلية.

لكن دعونا قبل البدء بالإجابة على السؤالين أن نتعرّف على مفهوم ثقافة الشركة؛ بحسب “إيفان تارفر””Evan Tarver”  مؤلف كتاب “ثقافة المؤسسة” “Corporate Culture” فإن ثقافة المؤسسة تشير إلى المعتقدات والسلوكيات والخبرات والفلسفة التي تحدد الأخلاقيات التي تحكم تعامل الموظفين والإدارة من جهة، وأفراد الشركة والعالم الخارجي من جهة أخرى، فتلك الثقافة تفرز حزمة من السلوكيات.

ومع أن ثقافة المؤسسة ليست مكتوبة في الغالب؛ إلا أنها أشبه باتفاق ضمني وعُرْفٌ معمولٌ به. وأما مرتكزات ثقافة المؤسسة فتظهر في رؤيتها ورسالتها وقيمها، ولن يكون لذلك قيمة إذا لم يتم ترجمته على أرض الواقع عبر سلوكيات تتبناها الإدارة العليا والموارد البشرية والإدارات المختلفة وسائر الموظفين، وتنعكس على رضا المتعاملين مع المؤسسة سواءً كانت تجارية أو غير ربحية.

والآن نعود للإجابة على السؤالين السابقين، الأول:

كيف يؤثر تفاعل الموظفين على ثقافة الشركة؟

إذا اعتبرنا الشركة آلة ضخمة؛ فإن الموظف جزء من هذه الآلة، وفي الغالب فإن التأثير يقع من الكل على الجزء، ومع ذلك فلا يمكننا إلغاء تأثير الفرد على الشركة مهما كان ضئيلا.

وبالعودة للثقافة فإنها ممتزجة بالإنسان، ولا يمكن أن يخلعها عند الدخول إلى مكان عمله؛ لأنه نشأ عليها طفلا في بيت أبويه وترعرع على مكوّناتها في بيئته، ولذلك فإن ثقافة الشركة تتأثر بالتأكيد بما يجلبه كل موظف إليها. ويزداد تأثر الشركة أو المنظمة بثقافة الفرد إذا كان صاحب نفوذ وتأثير في التخطيط الاستراتيجي أو صياغة الأهداف وصنع القرارات الهامة، فدور مؤسس الشركة ومديرها التنفيذي سيكون أعمق أثرًا من موظف أو عامل عادي. ومع ذلك فإن الإنسان يؤثر ويتأثر بمحيطه ويتفاعل معه شاء أم أبى، ومن هنا يقع التفاعل والتأثر بين الموظفين أنفسهم بعضهم مع بعض، فلكل موظف تأثير على الثقافة التي يتم تطويرها في الشركة.

إن إحدى أهم مخرجات الثقافة اللغة، وهي في الوقت ذاته من أهم العوامل التي تشكّل ثقافة الفرد، وتنعكس أيضا على ثقافة المؤسسة، فاستخدام موظف في شركة ما للغة سوقية في التعامل مع زملائه سيؤدي بالتأكيد لتطبعهم بهذه اللغة ما لم تكن ثقافة الشركة طاغية وحاضرة بقوة بحيث يتم زجر صاحب اللغة السوقية وإيقافه عن التأثير السلبي على ثقافة الشركة، لكن المشكلة إذا كان المستخدم للغة السوقية هو المؤسس أو المدير التنفيذي!

لعل هذا ينقلنا للسؤال الثاني وهو:

كيف تؤثر ثقافة الشركة على تفاعل الموظفين؟

إن ثقافة الشركة هي شخصيتها أو أشبه بعلامة تجارية ترتبط بكل ما يتعلق بكيفية إدراك الموظفين والجمهور المتعامل مع الشركة أو المنظمة، وتؤثر هذه الثقافة على الموظفين وتفاعلهم؛ فيمكن أن تلهم الموظفين ليكونوا أكثر إنتاجية وإيجابية في العمل، ويمكن أن تؤثر سلبًا على أدائهم لشيوع الإحباط وقلة الاهتمام. ولنلاحظ بأن المشاعر السلبية مشاعر معدية كالأمراض السارية تنتقل بين الموظفين، وللأسف فإن تفاعل الموظفين وتأثرهم بالأفكار السلبية أشد من انتشار الأفكار الإيجابية.

ولمنع انتشار الإحباط وأي مشاعر مفسدة لبيئة العمل فإن الأمر يحتاج لثقافة شركة قوية ترعاها الإدارة العليا وتقوم بنشرها وتعزيزها عمليًا، فتقدير الموظف ودوره وكرامته لا يجب أن تكون شعارات تتغنى بها الشركة أو المنظمة في رؤيتها ورسالتها وقيمها، بل هي ممارسات يشعر بها الموظف وستنعكس لصالح الشركة بالتأكيد عبر بث الموظف للروح الإيجابية في زملائه من جهة، ومن جهة أخرى فإنها تنعكس على نحو إيجابي في تعامله مع العملاء.

إن ثقافة الشركة التي لا تحيد عن المصداقية والإتقان والعدالة، وتطبق مبادئ الشفافية بصرامة، وتستمع لموظفيها وتقبل من ثقافاتهم كل ما هو إيجابي؛ ستؤثر هذه الثقافة القوية على موظفيها، وتصبغ تفاعلهم بصفات من أهمها: التواصل الإنساني، والتعاون الفعّال، والتشارك في التجارب الإبداعية، وتقبّل الاختلاف الثقافي بين الموظفين واستثماره لمصلحة الشركة أو المنظمة؛ يقول “مارك توين”: “الاختلاف في الرأي هو الذي أوجد سباقات الخيول”.